هاشتاق عربي
الغد – ابراهيم المبيضين
خلال لقاءاته المستمرة والعديدة مع الشباب والرياديين الأردنيين على مدار السنوات الماضية، كان جلالة الملك عبدالله الثاني يؤكد دائما على دعمه للأفكار الريادية عند الشباب الأردني، وبأن شباب وشابات الوطن يمتلكون الأفكار والعزم والإصرار، وبحاجة إلى الأدوات التي تمكنهم من تنفيذ مشاريعهم بنجاح.
وأشار جلالته في أكثر من مناسبة ولقاء مع الشباب والشركات الريادية إلى أن تطوير قطاع الريادة هو الحل الأمثل لتوفير فرص العمل المستدامة ونمو الاقتصاد الوطني.
عناية ودعم جلالة الملك عبدالله الثاني بالشباب وأصحاب الأفكار الريادية والابداعية كانت واضحة وكبيرة منذ توليه سلطاته الدستورية، ولقاءاته المستمرة معهم وتسليط الضوء على إنجازاتهم كانت المحرك الدائم للحكومات المتعاقبة وللقطاع الخاص للتركيز على ريادة الأعمال وتطوير منظومتها في المملكة وخصوصا مع التحول التقني الذي يشهده العالم والذي حفز الشباب لابتكار تطبيقات ومشاريع يمكنها غزو الأسواق الخارجية باقل التكاليف في الوقت الذي تظهر فيه الأرقام الرسمية بان الشباب يشكلون نسبة 70 % من المجتمع.
وكان لتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة للتركيز على دعم الشركات الناشئة والشباب وتوفير البيئة الملائمة لهم لاطلاق مشاريعهم الخاصة وتطويرها، الأثر الواضح في تطوير بيئة ريادة الأعمال في المملكة لتستحدث العام الماضي ” وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة” وهي تعد أول وزارة من نوعها في المنطقة، حيث جاء تشكيل هذه الوزارة التي حلت محل “وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات” بعد لقاءات ثلاثة لشركات أردنية ريادية في مجالاتها مع جلالة الملك عبد الله الثاني، كان أولها الاجتماع مع جلالته في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أقيم في البحر الميت العام الماضي ، وتبعه اجتماعان في نفس الشهر مع جلالته لبحث ومناقشة ضرورة وجود جهة ريادية مختصة بدعم الريادة في المملكة.
ولدعم ريادة الأعمال في المملكة ستتولى وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة المساهمة في بناء المنصات الرقمية، والمنظومة التشريعية، والتمويلية، والتحفيزية الضرورية لازدهار الريادة والإبداع، والتي حقق الشباب الأردني إنجازات نوعية فيها.
وتواصل الوزارة ايضا العمل حاليا على ايجاد اطار تنظيمي يسهل أعمال الشركات الناشئة ووصولها إلى الأسواق والمستثمرين، حيث بدأت الحكومة ومن خلال مؤسسات ووزارات مختلفة دراسة تعديل انظمة أو تعليمات أو إجراءات أو قوانين تمس ريادة الأعمال.
وكان للقاء جلالة الملك عبدالله الثاني المعنيين في قطاع تكنولوجيا المعلومات قبل أكثر من 9 سنوات وتوجيهه لهم بضرورة إطلاق صندوق لدعم ريادة الأعمال والمشاريع الناشئة في الأردن أثر كبير في تحريك ودعم وتطوير بيئة ريادة الأعمال في المملكة، والمساهمة في جعلها الأكثر تميزا على مستوى المنطقة، حيث كانت الفكرة تسعى للتركيز على خلق شركات يمكنها أن تكرر قصة نجاح “مكتوب” التي استطاعت قبل أكثر من عشر سنوات ان تستقطب اهتمام شركة عالمية بحجم “ياهوو” وتنجز معها صفقة تعتبر الاهم في المنطقة العربية في ذلك الوقت وبعشرات ملايين الدولارات.
في ذلك الوقت جرى اطلاق صندوق للاستثمار في الشركات الناشئة هو صندوق “اويسس 500” ساهم في تأسيسه صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية، وبعد تأسيسه دارت العجلة باتجاه نشر ثقافة ريادة الأعمال بين الشباب وخريجي الجامعات لايجاد أفكار وشركات قادرة على التفوق والتميز والريادة واستقطاب الاستثمارات وخصوصا مع دخولنا عصر الثورة الصناعية الرابعة ومساهمة التقنية في دفع الشباب لابتكار تطبيقات ذكية تخدم كل القطاعات.
وخلال السنوات العشر الماضية زاد الحراك والتركيز على ريادة الأعمال، وتكاثرت الشركات الريادية الأردنية التي يقدر عددها بالمئات والتي خلقت آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، حيث بلغ عدد الشركات التي استثمر فيها “صندوق اويسس 500” لوحده منذ انطلاقته في العام 2010 وحتى اليوم 162 شركة: 125 شركة ناشئة حصلت على استثمارات من صندوق الواحة الأول، و7 شركات ناشئة من صندوق الواحة الثاني الذي أعلن عنه العام الماضي، و30 شركة ناشئة حصلت على استثمارات من صندوق أو مسار دعم الصناعات الابداعية، لافتة إلى أن معظم هذه الشركات يقوم عليها أردنيون.
وبلغ اجمالي الاستثمارات المباشرة التي ضخها الصندوق في هذه الشركات الناشئة حوالي 9 ملايين و400 ألف دولار، فضلا عن أكثر من 60 مليون دولار استطاعت هذه الشركات الناشئة ان تستقطبها كاستثمارات لاحقة من مستثمرين آخرين (غير الاستثمار المباشر من “اويسس 500”) من داخل وخارج الأردن.
وتطورت بيئة ريادة الأعمال في المملكة خلال السنوات الماضية بشكل متسارع ، حيث زاد عدد البرامج والمشاريع الداعمة والحاضنة لريادة الأعمال خلال السنوات الماضية في الأردن إلى أكثر من 200 برنامج ومشروع تتبع حوالي 120 جهة.
ولتحفيز ريادة الأعمال في تكنولوجيا المعلومات اطلقت خلال السنوات الماضية عدة مبادرات ومشاريع وصناديق تهدف إلى مساعدة الشباب في تحويل أفكارهم إلى مشاريع انتاجية في القطاع منها مختبر الالعاب الإلكترونية، ومبادرة الألف ريادي التي اطلقتها جمعية انتاج ومبادرة إدارة الريادة، كما قامت شركات الاتصالات الرئيسية بإطلاق منصات وبرامج لدعم الريادة منها منصة زين للابداع “زينك”، ومنصة شركة امنية لدعم الريادة “ذا تانك”، وبرنامج اورانج لدعم الرياديين “بيج”، كما جرى إطلاق شركة صندوق الريادة الأردني، وجمعية الريادة والإبداع الأردنية، ومجلس قادة الشركات الناشئة بدعم جمعية “انتاج”، والعديد من الصناديق والمشاريع الداعمة لريادة الأعمال في جميع محافظات المملكة.
أرقام اخرى تظهر تقدم بيئة ريادة الأعمال في الأردن وتفوق الشركات الريادية الأردنية حيث بلغ حجم الاستثمارات في الشركات الأردنية الريادية 56 مليون دينار في العام 2018، وفق تقرير لمؤسسة ماجنيت.
وتشير أرقام أخرى ان شركات ريادية أردنية استطاعت أن تستقطب استثمارات بحجم 200 مليون دولار خلال آخر خمس سنوات.
كما أن الأرقام تتحدث بان خمس شركات ريادية أردنية أو أسسها أردنيون استطاعت العام الماضي ان تستقطب استثمارات بحجم 30 مليون دولار، وهي شركات : موضوع، جملون، ترجمة، ريبزو، وارابوت.
وتقدم الأردن 7 مراتب في مؤشر ريادة الأعمال العالمي ليصبح في المرتبة 49، والذي انتقل من المرتبة 70 للمرتبة 50 على مؤشر تنافسية المواهب العالمية خلال 3 سنوات فقط.
وفي مؤشر على تفوق الشركات الريادية الأردنية، كان الأردن الأكثر تمثيلا في القائمة النهائية التي اختارها العام الحالي “المنتدى الاقتصادي العالمي” بالتعاون مع “مجلس التنمية الاقتصادية في البحرين”، وضمت 100 شركة ناشئة واعدة من العالم العربي ستسهم في تشكيل الثورة الصناعية الرابعة في العام الحالي، حيث بلغ عدد الشركات الناشئة الأردنية ضمن هذه القائمة 27 شركة.